وزارة النفط تقيم حلقة نقاشية افتراضية بالتعاون مع منظمة (الأوابك)
07-06-2021
نظمت إدارة العلاقات العامة في وزارة النفط حلقة نقاشية افتراضية (اليوم الأثنين) حول تأثير تراجع أسعار النفط بسبب جائحة (كوفيد-19) على مجال الاستكشاف والانتاج في الصناعة البترولية، والتي حاضر فيها خبير البترول والاستكشاف والانتاج في منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) المهندس تركي حسن حمش، وشارك فيها عددٌ كبيرٌ من المختصين في الشؤون الفنية والاقتصادية في وزارة النفط ومعهد الكويت للأبحاث العلمية والإعلاميين.
وقال المهندس تركي حسن حمش خلال الحلقة النقاشية أنه خلال السنوات الماضية تعرضت أسعار النفط إلى تذبذبات متكررة، فقد وصلت إلى حدود 147 دولار للبرميل في عام 2008، ثم انخفضت الى 34 دولار للبرميل تحت ضغط كبير من التداعيات السلبية للازمة المالية العالمية، ومن بعدها في عام 2010 شهدت الاسعار بوادر انحسار من الازمة المالية العالمية، وفي عام 2014 تهاوت أسعار النفط منذ منتصف العام حتى بلغت نحو 44 دولار للبرميل في عام 2016. وقد شهدت أسعار النفط انعكاسات سلبية نتيجة انتشار جائحة كورونا في عام 2020، لكنها تحسنت بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة.
وذكر أن ميزانيات الشركات وعمليات الاستكشاف خلال جائحة كورونا تراجعت في 2020 بما يقارب 30% عن استثمارات عام 2019، وقاربت استثمارات الاستكشاف والانتاج 382 مليار دولار في عام 2020، متوقعاً أن يتعافى الانفاق الى مستوى ما قبل الجائحة بنحو 530 مليار دولار إذا ارتفع سعر النفط إلى حوالي 65 دولار للبرميل، وهو ما تشهده الأسواق حالياً، إذا تم تداول النفط عند أكثر من 70 دولار للبرميل خلال الايام الماضية.
وتطرق المهندس تركي حسن حمش إلى العلاقة بين الطلب العالمي وأسعار النفط حيث أشار إلى ان ارتفاع أسعار النفط ترافق غالباً مع انخفاض لاحق بالاستهلاك، فضلا عن ان ظروف الطلب المتغيرة وخاصة على المدى القصير تلعب دوراً هاما في تقلبات الاسعار.
وحول العلاقة بين اسعار النفط وعدد وحجم الاستكشافات قال ان افتراض وجود علاقة مباشرة وفورية بين اسعار النفط وعدد أو حجم الاكتشافات يبقى أمراً غير واضح المعالم، كما أن تراجع الاسعار يحتاج غالباً إلى فترة زمنية حتى يظهر انعكاسه فعلياً على عمليات الاستكشاف، إذ ان تراجع الاسعار يرافقه ارتفاع عامل المخاطرة وبالتالي تصبح العوائد المتوقعة أقل وتلجأ الشركات العالمية إلى تخفيض ميزانيات الاستكشاف وتوجيه العمل إلى المناطق الأقل مخاطرة وتكلفة.
وذكر أن رفع ميزانية الاستكشاف لا يعني بالضرورة الحصول على اكتشافات جديدة وإنما يعني وجود فرص أكبر للعثور على هذه الاكتشافات، وهذا يعنى أن ارتفاع اسعار النفط يعني إمكانية وضع خطط تنقيب واستكشاف في أماكن صعبة، لكن نتيجة عمليات الاستكشاف قد لا تظهر إلا بعد بضع سنوات ربما تكون أسعار النفط قد تغيرت خلالها.
وقال إن أنماط العرض والطلب العالمية خلال أزمة كورونا شهدت منذ بداية العام 2020 وحتى نهاية شهر مايو انخفاضات كبيرة في استهلاك النفط فاقت معدلات الانخفاض في الإنتاج، وشهدت أيضاً ارتفاع مخزونات النفط العالمية. بينما واعتباراً من شهر يونيو من عام 2020 شهدت أسواق النفط تخفيف القيود على السفر والتنقل والحركة وتخفيض انتاج النفط من قبل تحالف (أوبك+) وتراجع معدلات الانتاج في الولايات المتحدة الامريكية ومن ثم شهدت الأسواق ارتفاع في معدلات الاستهلاك وارتفاع الاسعار.
قرارات (أوبك+) التاريخية
إلى ذلك تناول المهندس تركي حمش قرارات منظمة (أوبك+) التاريخية حيث قال ان المنظمة وحلفاؤها استجابت في 9 أبريل 2020 لتراجع الطلب والاسعار، وبقرار تاريخي اتخذ فإنه تم تخفيض انتاج النفط بمعدل 10 ملايين برميل يومياً، حيث كان مرجع الانتاج المعتمد للتخفيض هو معدل الانتاج في شهر أكتوبر 2018 باستثناء المملكة العربية السعودية وروسيا حيث يعتبر مرجع الانتاج لكل منهما 11 مليون برميل يوميا.
وعن تأثير جائحة كورونا على عمليات الحفر أشار الى تراجع عدد الآبار المحفورة عالميا من 74.5 ألف بئر في عام 2019 إلى 55.3 ألف بئراً في عام 2020 وبمعدل تراجع بلغ 26%، وانخفض عدد الحفارات في دول (أوابك) في عام 2020 بنحو 47% خلال الفترة ما بين يناير (412 حفارة) وديسمبر 2020 بنحو 217 حفارة، وبالنسبة لحالة دولة الكويت فإنها لم تشهد إلا خروج حفارة واحدة فقط خلال 2020.
وقال ان إدارة الشؤون الفنية في منظمة (أوابك) تتبعت بيانات أظهرت تحقيق 38 اكتشافا خلال النصف الاول من 2020 مقابل 51 اكتشافاً في النصف الثاني من العام، وشكلت الاكتشافات في المغمورة أكثر من 45% من إجمالي الاكتشافات في ناحية العدد ونحو 75% من ناحية الحجم.
الزيت الصخري
وعن تأثيرات أزمة كورونا وانخفاض أسعار النفط على زيت السجيل (الزيت الصخري) في الولايات المتحدة الامريكية قال ان انتاج النفط الامريكي تراجع إجمالاً بما يزيد عن مليون برميل يومياً منها 330 ألف برميل يومياً من الزيت الصخري ليصل إلى 7 ملايين برميل يومياً، وارتفعت حالات إعلان افلاس الشركات في الزيت الصخري إذ بلغت نحو 32 حالة تقدمت لإشهار الافلاس بلغ اجمالي ديونها 40 مليار دولار، وتقدمت 25 شركة خدمات بترولية بطلب لإشهار افلاسها.
وعن التأثيرات على الاصول الحالية لمصادر الطاقة المتجددة ذكر أنه على خلاف المشاريع قيد الإنشاء فان محطات الكهرباء العاملة محمية من انخفاض الطلب على الكهرباء وانخفاض الاسعار ذلك أن العديد من محطات توليد الكهرباء العاملة على الطاقة المتجددة لديها عقود أسعار ثابتة وتمنح أولوية الوصول الى الشبكة لذلك قد تواجه تقليصاً ضئيلا للإنتاج او قد لا تواجهه أبداً.
وبين أن اجراءات الاغلاق أدت الى انخفاض الطلب الاسبوعي على الكهرباء بنسبة 10-35% عبر المناطق المتأثرة في أوروبا وهذا سمح بزيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة من الطلب، ونتيجة لانخفاض الطلب على الكهرباء والسعات الاضافية التي تمت اضافتها الى الشبكة في الربع الاول من عام 2020 ارتفعت حصص التغذية من مصادر الطاقة المتجددة في العديد من مناطق العالم، وبمعنى أخر استفادت الطاقة المتجددة من انخفاض اطلب على الكهرباء لتحتل حيزاَ أكبر من الشبكة كونها نتيجة الدعم الحكومي تمتلك أولوية النقل على الشبكة.
وقال ان أزمة كورونا انعكست على حركة السيارات عالمياً وشهدت خلال الأشهر الاربعة الأولى من عام 2020 قيودا كبيرة تمثلت في منع السفر وبالتالي شهد الطلب على النفط انخفاضا بنسبة 5 %، وكان من بين الاسباب الاساسية لذلك انخفاض حركة انتقال السيارات حيث تراجعت الحركة على الطرقات عالميا في النصف الثاني من شهر مارس 2020 بأكثر من 53% مقارنة بنفس الفترة من عام 2019.
أما التأثير على قطاع الطيران وحركة المطارات العالمية قال ان انخفاض الطلب على وقود الطائرات بلغ 25% حتى مارس 2020 وانخفض عدد رحلات الطيران بنسبة 41% بين مطلع عام 2020 حتى الاسبوعين الاخيرين من شهر مارس وبلغ متوسط عدد الرحلات في شهر أبريل 2020 نحو 26% فقط من متوسط عدد الرحلات لنفس الفترة في عام 2019.
وأشار إلى أن تخفيف إجراءات الحظر والسفر في النصف الثاني من عام 2020 انعكس ايجابا على عدد رحلات الطيران حيث بلغ متوسط عدد رحلات شهر ديسمبر 2020 حوالي 64% من متسوط نفس الفترة لعام 2019 ويلاحظ ان حركة الطيران خلال شهري يناير وفبراير من 2021 قد تراجعت نتيجة انتشار الموجة الثانية من الوباء والتي تسببت في العودة الى عمليات الاغلاق وايقاف السفر بين الدول.
المنظور المستقبلي
وعن المنظور المستقبلي للطاقة قال ان التوقعات تختلف من جهة ى حيث أن استهلاك الطاقة في العالم ليس موزعاً بشكل متجانس إذ ان 5 دول تستهلك بمفردها أكثر من نصف طاقة العالم حيث تستهلك الصين 24.3% والولايات المتحدة 16.2% والهند 5.8% وروسيا 5.1% واليابان 3.2%، ولذا فان منظور وكالة الطاقة الدولية للطلب العالمي على النفط يشير الى ان الاستهلاك قد يبلغ 99.9 مليون برميل يوميا في 2025 ونحو 103.2 مليون برميل يوميا في عام 2030.
أما منظمة أوبك فان توقعاتها تشير الى ان الطلب العالمي على النفط سيبلغ 103.7 مليون برميل في 2025 وسيصل إلى 107.2 مليون برميل بحلول عام 2030.
واستعرض عدداً من الاستنتاجات تركزت في انه يمكن لتراجع اسعار النفط أن يحد من خطط عمليات الاستكشاف الجديدة حيث تميل الشركات الى خفض ميزانياتها في هذا المجال والتركيز على المناطق ذات الأمل المرتفع في محاولة للحد من الخسائر المحتملة، كما ان انخفاض الانتاج في عام 2020 لا يعني بجال من الأحوال ان انتاج النفط في العالم قد وصل الى ذروته فمعظم كميات النفط التي خرجت من السوق هي كميات موجودة على شكل طاقات انتاج يمكن ضخها مجدداً عند تحسن الاسواق وهو امر تلوح بشائره في الافق القريب وهذا يدحض ما يشاع عن أن العالم قد وصل لذروة انتاج النفط في عام 2020.
وذكر ان تراجع اسعار النفط يؤدى الى الحد من عمليات الانتاج لكن الشركات الحكومية قادرة على الانتاج عند هوامش ربح منخفضة، كما ان انتاج النفط تراجع في عام 2020 بنسبة اجمالية قاربت 6.7% اي بنحو 6.6 ملايين برميل يوميا ومعظم هذا التراجع نتج عملياً عن تخفيض الانتاج الذي التزمت به دول (أوبك + ) علاوة على تراجع انتاج النفط الصخري بنحو 370 ألف برميل يوميا وخفضت روسيا انتاجها بحوالي 930 ألف برميل يوميا.
وقال ان استخدام النفط والغاز لا يقتصر على سوق النقل البري (السيارات) فقط، فالنقل الجوي لم يجد بعد اي بديل عن المشتقات النفطية ولا يتوقع ان يوجد ذلك البديل في المستقبل القريب، ومن المتوقع ان ينمو الطلب على الطاقة حتى عام 2040 بمعدل يتراوح بين 25-28% من قيم الطلب في عام 2019، كما ان التغيرات التي عصفت بأسواق النفط في 2020 ربما يكون لها دور في ايجاد بيئة تنافسية تحفز الدول ذات الاقتصادات البترولية على تنويع مصادر الدخل لمواجهة تذبذب الأسعار.
ندوات وزارة النفط
من جانبها قالت مديرة العلاقات العامة في وزارة النفط الشيخة تماضر خالد الأحمد الصباح في مداخلة لها خلال الحلقة النقاشية بعنوان (تراجع أسعار النفط بسبب جائحة كوفيد-19) أن الوزارة حريصة على تنظيم العديد من الندوات والحلقات النقاشية النفطية بهدف تعزيز التواصل بين اصحاب الاختصاص وموظفي الوزارة والإعلاميين، مشيرة إلى ان سلسلة الندوات الافتراضية التي دأبت الوزارة على تنظيمها خلال الفترة الماضية أسست منصة للتواصل المباشر والاطلاع على أخر الاحداث النفطية المحلية والاقليمية والعالمية.
وذكرت الشيخة تماضر خالد الأحمد الصباح أن وزارة النفط حريصة على تنفيذ خطتها الإعلامية التي وضعتها والتي تشمل عقد ندوات افتراضية تثقيفية حول الصناعة النفطية وغيرها من الندوات الاجتماعية والصحية والتنموية المختلفة بمشاركة المسؤولين والخبراء في قطاع النفط والغاز بهدف نشر الثقافة والتوعية داخل البلاد ودعم العمل البحثي.
إلى ذلك أشادت الشيخة تماضر خالد الأحمد الصباح بالقرارات التاريخية التي اتخذتها منظمة الدول المصدرة للنفط والدول المنتجة من خارج أوبك (أوبك+) والتي ساهمت في تحسين ميزان العرض والطلب النفطي وذلك بما يتماشى مع الاوضاع العالمية السائدة الناجمة عن تداعيات جائحة كورونا، مبدية تفاؤلها عن وضع الاسواق خلال الفترة المقبلة بالتزامن مع توسع الدول في توزيع اللقاح المضاد لفيروس كورونا وبدء عودة الحياة الطبيعية التدريجية في العديد من دول العالم.