ندوة الإفتراضية" أثر جائحة كورونا على الصناعة البترولية من منظور إقتصادي"
21-07-2020
نظمت الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي ندوة افتراضية أمس حول أثر جائحة كورونا على الصناعة البترولية ودور الإعلام البترولي في مواجهة الأزمة، وذلك بمشاركة عدد من المختصين بمجال القطاع النفطي داخل وخارج الكويت.
وفي بداية الندوة التي ادارها مدير إدارة الكهرباء والمياه والطاقة في الامانة العامة لمجلس التعاون د.محمد بن فلاح الرشيدي ، قال الممثل الوطني لدولة الكويت في منظمة "أوبك" والخبير في الشئون النفطية محمد الشطي أن تفشي فيروس كورونا انعكس على تراجع التجارة الدولية والمؤشرات الاقتصادية والإنتاج الصناعي، وأدى إلى تزايد البطالة، مشيرا إلى ان الاقتصاد العالمي سيشهد انخفاضا بواقع 3.7 % ومن الممكن ان يصل إلى 5.7 % ضمن السيناريو الاسوأ على ان يبدأ التعافي الاقتصادي في 2021.
واستعرض الشطي تراجع الطلب العالمي على النفط حيث تعطل حركة السفر والطيران ساهم في خفض استهلاك الوقود بنسبة 70% حيث يمثل قطاع النقل نحو 60% من الطلب على النفط، كما ان حالات الحظر الكلي والجزئي أدت الى انخفاض معدلات استهلاك البنزين بنحو 30%، كما ادت حالات الاغلاق الكامل في الدول الصناعية إلى تراجع استهلاك الديزل وتراجع معدل تشغيل المصافي وخسائر في نشاط التكرير.
وذكر انه سيتعافى الطلب على النفط بحلول العام 2021 بنحو 7 ملايين برميل يوميا حيث ان الأسوأ كان في شهر ابريل 2020 وسط إجراءات عوده تدريجيه للحياة لطبيعتها مع مراعاة التباعد وشروط الامن والسلامة، وشدد على ان هناك محاذير مرتبطة بالقدرة على إيقاف تفشي فيروس كورونا بإيجاد لقاح، مشيرا الى ان تعافي حركة الطيران بشكل كامل سوف تتأخر إلى 2023.
وجاء تفشى جائحة كورونا بالتزامن مع فشل اجتماع "أوبك + " الذي انعقد في 6 مارس من دون التوصّل إلى اتفاق، تبعها مرحلة التنافس بين المنتجين لرفع الإنتاج وكسب حصص في الأسواق، مما وفر مناخا لهبوط غير مسبوق في أسعار النفط ليصل برنت 15 دولار للبرميل في ابريل، وسجل المخزون العالمي مع نهاية الربع الثاني مستويات غير مسبوقة وحسب توقعات الطلب والعرض فإنه يقارب 10 ملايين برميل يوميا.
وذكر الشطي سادت أجواء تهدد صناعه النفط وتمثل تحديًا للاقتصاد والدول المنتجة والشركات عموما مما دفع الرئيس الأمريكي ترامب ببدء مبادرته لإحياء أجواء التفاوض داخل "أوبك+" بين المملكة العربية السعودية وجمهورية روسيا الاتحادية، وتم تنفيذ الاتفاق التاريخي الذي بدأ من الأول من مايو 2020، ويستمر الي 30 ابريل 2022 ونجح في إيقاف انهيار الأسعار وتعافي الأسعار من جديد الي مستويات 40 دولار للبرميل.
وقال ان تراجع الطلب على المنتجات البترولية الحق اضراراً كبيرة على مصافي التكرير عالمياً حيث تأثرت هوامش نشاط التكرير نتيجة لانخفاض أسعار المنتجات، قد تعني تأجيل خطط توسيع طاقة التكرير وقال ان الإنفاق الرأسمالي في قطاع التنقيب والإنتاج شهد انخفاضا بنسبة 30٪، حيث يُقدر إجمالي النفقات الرأسمالية 480 مليار دولار في عام 2019 وينخفض إلى 344 مليار دولار في عام 2020، وهو أدنى مستوى منذ عام 2005، ولن تتعافى أنشطة التنقيب عن النفط قبل عام 2025.
وتناول الشطي صناعة النفط في الولايات المتحدة الامريكية حيث اشار إلى ان عدد من الشركات الأمريكية قدمت التماساً تحت الفصل 11 وتعني الحماية من الإفلاس امام المحكمة الفيدرالية وهذا الاجراء يساعدها لإعادة تنظيمها وهيكلتها ويسمح لها بمواصلة نشاطها رغم الديون المتراكمة عليها والتي تم اقتراضها عندما كانت الأسعار عالية وعند المستويات الحالية لا يمكن تغطيتها، وقد تنشط عمليات الاستحواذ من الشركات الكبرى على الصغرى، أو الاندماج بين الأخيرة للبقاء.
وبين ان انتاج النفط الصخري الأمريكي ارتفع من 8.9 مليون برميل يوميا في 2016 الي 12.3 مليون برميل يوميا في 2019 أي زيادة اجماليه 3.4 مليون برميل يوميا، ولكن بعد جائحه كورونا انخفض الي 11.6 مليون برميل يوميا في 2020 ويصل الي 11 مليون برميل يوميا في 2021.
وأشار الي تعافي ميزان الطلب والعرض النفط العالمية من فائض 19 مليون برميل يوميا في أبريل إلى عجز 4 مليون برميل يوميا في شهر يوليو، ويتناقص العجز الي 2.5 مليون برميل يوميا في أغسطس وسبتمبر، ويتحسن أسعار برنت الي 50 دولار للبرميل في 2021 و60 دولار للبرميل في 2022 بناء على تراجع الاستثمار الرأسمالي في قطاع التنقيب، كما ان عدم وجود موجه جديده من تفشي فيروس يدفع الأسعار باتجاه التعافي.
وفي ختام كلمته قال الشطي ان انخفاض أسعار النفط في 2008 الي 30 دولار للبرميل وفي 2016 الي 25 دولار للبرميل وفي 2020 الي 15 دولار للبرميل يمثل جرس انذار للمنتجين بتحولات تفرض استغلال الفوائض في ادخال مصادر جديده في الاقتصاد والتوسع في صناعه البتروكيماويات والطاقات المتجددة الصديقة للبيئة وتقليل الاعتماد على النفط كأساس في الإيرادات والعرضة لتذبذب الأسعار، مشددا على ان اتفاق "أوبك+" هو الركيزة الأساسية في اعاده التوازن والاستقرار للأسواق، بعد مخاوف الانهيار.
وفي سؤال حول انعكاسات تغيير النظرة المستقبلية للكويت من مستقرة الى سلبية من وكالة ستاندرد آند بورز قال الشطي ان الكويت مركزها المالي متين بفضل اصولها المالية، وهذا وفق معايير معينه وهي حاله مؤقته تزول بزوال أسبابها.
انخفاض النمو
من جانبه قال رئيس المجوعة الاستشارية الدولية لمركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث (كابسارك) د.ماجد المنيف ان جائحة كورونا اثرت بشكل كبير على الحركة الاقتصادية العالمية وخاصة حركة الطيران والسفر ،منوها الى ان الربع الثاني من العام الحالي دخل العالم في أسوأ ربع مر على العالم منذ فترة طويلة من حيث تراجع الاداء العام ،الامر الذي اعتبره المنيف بان ذلك سينسحب على ما تبقى من العام ، لافتا الى ان تقديرات صندوق النقد الدولي تشير إلى انخفاض النمو في دول الخليج بنحو 7.6% لهذا العام.
وقال المنيف ان الطلب على النفط انخفض بسبب الجائحة خلال شهري مارس وابريل ما بين 20-30 مليون برميل يوميا، لافتا الى ذلك كان نتيجة لتأثر حركة التكرير وتوقف حركة الناقلات النفطية .
واضاف ان تلك الظروف الحالية لم يمر بها قطاع النفط والغاز منذ سنين طويلة ،موضحا ان العودة إلى زيادة الطلب العالمي على الخام بحاجة إلى فترة طويلة حتى بعد عودة النشاط الاقتصادي الى سابق عهده قبل انتشار فيروس كورونا، مشيرا إلى أن هناك توقعات بانخفاض الاستثمارات النفطية بنحو 150 مليار دولار وهى نسبة تعادل نحو 30% انخفاضا عن العام الماضي ، مبينا أن الشركات الوطنية في دول الخليج قد تعمد الى خفض الاستثمارات في القطاع النفطي بحدود 32 مليار دولار .
وذكر ان الاستثمار في النفط الصخري حول العالم تراجع بنحو 52%،مضيفا ان انخفاض الاستثمارات من خارج اوبك ستصل الى 43% ، أما في دول "أوبك" بلس سيكون الانخفاض بنحو 23% وفي دول اوبك بنحو 29%.
وتابع المنيف قائلا ان الطاقة المتجددة كانت اقل خسائر من القطاع النفطي حيث وصلت نسبة خسائرها الى 12% ، مشيرا الى ان انهيار القطاع النفطي لا زال اقل من انهيار عام 1986 والذي وصلت فيه اسعار البرميل الى اقل من 10دولار للبرميل الواحد وهو ما ادى وقتها الى حدوث اندماجات واستحواذات، منوها الى ان من الممكن ان تتكرر تلك الظاهرة من الاستحواذات حاليا بين شركات النفط الصخري بسبب حدة الخسائر التي منيت بها الشركات العاملة فيه.
واختتم المنيف قائلا ان قطاع الغاز هو الذي سيشهد زيادة في الاستثمارات خلال الفترة المقبلة خاصة في مصر والسعودية والامارات .
سياسية التكيف
بدوره قال مدير إدارة شؤون البترول والغاز – وزارة الطاقة والبنية التحتية في دولة الامارات العربية المتحدة ناصر خميس السويدي ان دولة الامارات عملت على سياسية التكيف مع ازمة كورونا منذ بداية انتشار الجائحة حيث قامت بعض الشركات الصناعية بفتح خطوط انتاج بديلة لإنتاج الكمامات الطبية لتصبح هذه الشركات هي الاولى خليجيا في انتاج الكمامات الطبية ذات المواصفات الصحية المعتمدة عالمياً.
واستعرض الكعبي الية تحرير اسعار البنزين في الامارات حيث قال ان شهر يوليو الحالي يتزامن مع ذكرى مرور 5 سنوات على تحرير اسعار المحروقات في الدولة حيث قامت الشركات الوطنية وبتوجيهات من القيادة السياسية بدراسة المحروقات ووضع عددا من المقترحات التي تم تطبيقها بحيث يتم تغيير الاسعار بشكل شهري ليتماشى مع اسعار النفط العالمية.
وأشار الى ان الاعلام البترولي في الامارات لعب دورا محوريا في رد على الاشاعات التي اطلقتها العديد من الحسابات الشخصية للتهجم على قرارات الدولة في رفع اسعار البنزين وتم دحر هذه الشائعات من خلال وضع خطط وطنية للرد على الحسابات.
وشدد الكعبي على ضرورة وجود اعلام بترولي متخصص في دول الخليج وذلك من خلال وجود لجنة خليجية متخصصة للتصدي الى الشائعات.
دور الاعلام البترولي
من جانبها، قالت ممثل الكويت وعضو لجنة المختصين في الإعلام البترولي التابع للأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي ومدير العلاقات العامة والإعلام في وزارة النفط الشيخة تماضر خالد الاحمد الصباح أن الندوة تأتي في توقيت حساس وذلك مع اسعار النفط الحالية وتأثيرات جائحة فيروس كورونا والجهود الحثيثة التي تبذلها منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" والمنتجين في الخارج "أوبك+" لاستقرار اسعار النفط.
وذكرت أن الإعلام البترولي يلعب دوراً محورياً في هذا التوقيت الصعب بعد أزمة "كورونا" وفي ظل التغيرات المحتملة للمنظومة الاقتصادية والاجتماعية والتصدي لأطروحة انحصار الطلب على النفط وما يروج له علماء المناخ المسيسين، مشيرة الى ان الإعلام البترولي يسعى أيضا إلى إظهار مساعي دول الخليج في تحقيق استقرار أسواق النفط العالمية وتسليط الضوء على مساهمتها الطوعية في ظل هذه الأزمة .
وشددت على أهمية الاعلام البترولي في إبراز دور قطاع النفط وانجازات الصناعة البترولية بدول المجلس ومساهماتها في الاقتصاد العالمي ، مشددة على ضرورة تعزيز صورة قطاع النفط على الصعيد المحلي والخليجي والدولي وتطوير وتعزيز الثقافة البترولية في الإعلام المحلي وتعزيز التواصل بين الجهات المعنية في قطاع النفط والغاز على مستوى دول التعاون.
وقدمت الشيخة تماضر خالد الاحمد الصباح شكرها إلى منظمي الندوة والمحاضرين وكافة منتسبي الامانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية وعلى رأسهم مدير الندوة مدير إدارة الكهرباء والمياه والطاقة الدكتور محمد بن فلاح الرشيدي، ومدير إدارة الاخبار والإنتاج الاعلامي عبدالرحمن راشد بوحجي، ورئيس قسم الثروة المعدنية – إدارة الطاقة تركي منصور العجمي، وأخصائي – إدارة الطاقة الهنوف السليمان.